(4) شرح الاستفهام المستعمل في التعجُّب أو التعجيب:

ويُسَمَّى اسْتِفْهَاماً تَعْجُبيّاً حين يَكونُ صَادِراً مِنْ متعجِّبٍ فعلاً، ويُسَمَّى اسْتِفْهَاماً تَعْجِيبيّاً حينَ يكونُ الغرض من إيراده إثارَةَ الْعَجَب عنْد مَنْ يخاطَبُ بهِ أو يتلقَّاهُ، منه ما يكون صادراً عن الله عزّ وجلّ، إذْ ليْسَ صفاتِهِ سبحانه أن يتعجَّب تَعَجُّبَ استِغْرابٍ واستبعاد، نظراً إلى سابقِ علمه تعالى بكلّ ما يحدُثُ منْ عباده قبْلَ حدوثه، وعِلْمِهِ بخلقِه وَصفاتِهِمْ وخصائصهم النّفسية والسلوكيّة.

وما ورد في بعض الأحاديث النبويّة منْ نسبة العجب إلَى الله عزّ وجلَّ فهو بمعنى الاستحسان المقتضي للرّضى والمثوبة.

أمثلة:

* قول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) :

{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ؟! [الآية: 28] .

الاستفهام في هذه الآية استِفْهَامٌ تَعْجيبيٌّ فيه معنَى التَّوْبيخِ والتْلويم والتَّأْنِيب والتَّقْريع، فَالْمَعْنَى أَنَّ كُفْرَكُمْ باللَّهِ مَعَ كَوْنِكُمْ كُنْتُمْ أَمْواتاً فأحْيَاكُمْ ولم تُحْيُوا أنتم أنْفُسَكُمْ، أمْرٌ ينْبَغِي أن تَعْجبُوا منه قبل غيركم، وأمْرٌ يتعجّبُ منه كلُّ العقلاء من أهل الرشد. فحالُكم يثير التعجُّب والاستغراب، كيف يصْدُرُ من ذوي عقول وأفكار؟!.

* قول الله عزّ وجلّ في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) خطاباً لعلماء بني إسرائيل:

{أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكتاب أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} ؟! [الآية: 44] .

فالاستفهامُ في {أَتَأْمُرُونَ الناس بالبر} الذي يخاطب اللهُ به علماء بني إسرائيل استفهامٌ فيه معنى التَّعْجيب مِنْ حالِهِمْ مع التوبيخ والتَّلْويم والتقريع، إذْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015