باستثناء تكرار المقاطع في بعض ألوان صُوَر الجمال، كشجرة الورد على رأس كل زاوية عند منعطف الطريق، أو على رأس كلّ مسافة، لتكون بمثابة الدلالة.

وكذلك حال الأفكار وأساليب عرضها الأدبي، ومثل شجرة الورد المتكرّرة على رأس كل مسافة أو على الزوايا، آية: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الآية: 13] في سورة الرحمن عروس القرآن. لكنّها صورة قدّمت لوناً من ألوان الجمال الأدبي ومثالاً من أمثلته، قلَّما يوجد في سائر القرآن نظير مطابق لها، بل فيه ألوان أخرى.

ومع وجود قسم من الجمال لا يختلف اثنان في استحسانه، وقدر من القبح لا يختلف اثنان في استهجانه، فكم توجد أوساط مشتبهات تختلف فيها أذواق النّاس، وتختلف وجهات أنظارهم إليها.

فما يستحسنه بعض النَّاس منها قد لا يراه غيرهم حسناً، وما يستقبحه بعض النّاس منها قد لا يراه غيرهم قبيحاً، وتتدخّل النظرات الذاتيّة الشخصية في قسم المشتبهات بشكل واسع، ويصعب فيها تحديد النظرة الموضوعية.

ويخضع الأدب لهذا القانون العام.

فقد يُرْضِي كلام ممدوحاً مغروراً بنفسه بحبّ المديح، فيراه أدباً رفيعاً مستحسناً، لكنّه في الوقت نفسه يُسْخِط حاسداً له، فيراه تزلّفاً تافهاً، وأسلوباً في المدح سخيفاً مستهجناً، ويسمعه فريق ثالث فلا يرى فيه ما يحرّك النفس بإعجاب ولا ما يحرِّك النَّفس بتقزّز واستجان.

وقد تُرْضِي تعبيرات حبِّ معشوقة، فتراها أدباً رفيعاً مستحسناً، فتحفظها وترويها بإعجاب، لكن هذه التعبيرات قد أسخطت في الوقت نفسه أترابها، فرأينها تعبيرات سخيفةً مبتذلة. ثمّ يسمعها حياديّون فلا يرون فيها رأيَ المعشوقة المعجَبَة، ولا رأي أترابها الساخطات، بل يرون فيها أدباً عادّياً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015