حتى مجالات الأفكار، والتخيّلات، والوجدانيّات، والطباع، والأخلاق، وأنواع السلوك الإِرادي النفسي والظاهر.

ففي ساحة المرئيات تشاهد الأبصار مرئيات جميلة تتفاوت فيما تحظى به من نسب الجمال تفاوتاً كبيراً، وتشاهد مرئيات قبيحة تتفاوت فيما لديها من نسب القبح تفاوتاً كبيراً وتشاهد وسطاً فاتراً لا يجذب بجمال، ولا ينفِّر بقبحٍ. وفي ساحة الأصوات يسمع السامعون أصواتاً جميلة تتفاوت فيما تحظى به من نسب الجمال تفاوتاً كبيراً، ويسمعون أصواتاً قبيحة تتفاوت فيما لديها من نسب القبح تفاوتاً كبيراً، وتسمع أصواتاً فاترة لا تجذب بجمال ولا تُنَفِّر بقبحٍ.

ونظير ذلك في ساحة الروائح، وفي ساحة الطعوم، وفي ساحة الملموسات التي فيها ناعم وخشن، وصلب وليّن، وقاسٍ وَلَدْن، وحارٌّ وبارد.

وفي المشاعر الوجدانيّة ندرك أنَّ لدينا مشاعر وجدانية جميلة لذيذة، كمشاعر الحبّ، ومشاعر الإحساس بفعل الخير، ومشاعر الأبُوَّة والأمومة، والشعور بطمأنينة القلب، وبالأمن. وندرك أنَّ لدينا مشاعر وجدانية قبيحة نتألّم بها، كالشعور بالذّلة والصّغَار، وكالحقد، والحسد، وكالشعور بالخوف والقلق. وندرك أنّ لدينا مشاعر وجدانيّة فاترة لا تُحدِث لذّة نفسية ولا تُحدِث ألماً، كمشاعر الانتماء إلى أسرة مغمورة ليس لها مجد يُحدث في النفس لذّة الافتخار، وليس لها فضائح وقبائح تُحْدِث في النّفس ألم الصَّغار.

وفي الساحة الفكرية نُدرك أفكاراً جميلة حلوة، وأفكاراً قبيحة مرّة، وأفكاراً فاترة لا تُحْدِث انفعال استحسان ولا انفعال استقباح. إنّ الفكرة الذكيّة المبتكرة فكرة جميلة، وإنّ الفكرة الغبيّة المستنكرة فكرة قبيحة، وإنّ الفكرة العاديّة المكرّرة دون غرض فنِّي أدبي فكرة فاترة تمرُّ دون أنْ تثير أي انفعال، وكذلك الفكرة الغامضة التي لا يستطيع من تُعرض عليه أنْ يُدركها. ويمرُّ في أذهاننا شريط أفكار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015