وللكلام البليغ حدٌّ أعْلَى رفيعٌ، وهو حدُّ الإِعجاز، وما يَقْربُ منه. ولَهُ حدٌّ أسْفَلُ مُنْحطٌّ إذ نزلَ عنْهُ درجَةً واحدةً الْتحقَ عند البلغاء بأصواتِ الحيوانات.
وبين الحدّ الأعلى والحدّ الأسفل مراتب ودرجاتٌ كثيراتٌ يتعذَّرُ على الناس إحصاؤها.
بلاغة المتكلّم في الاصطلاح:
هي ملكَةٌ "أي: صفةٌ ثابتةٌ مستقرّة في ذاتِ المتكلّم" يستطيع بها تأليف كلامٍ بليغ.
ولمّا كان كلُّ كلام بليغٍ لا بدّ أن يكون فصيح المفردات والْجُمَل كان كلُّ كلامٍ بليغٍ كلاماً فصيحاً، وَكان كلُّ متكلِّمٍ بليغٍ متكلّماً فصيحاً.
لكن قد يكون الكلام فصيحاً وَلا يكون بليغاً، لأنّ الفصاحة أعمُّ، والبلاغةَ أخصُّ دائماً، فكلُّ بليغٍ فصيحٌ، كلاماً أَوْ متكلّماً، وليْسَ كلُّ فصيحٍ بليغاً، فالكلام الفصيح لا يكون كلاماً بليغاً حتَّى يكون مطابقاً لمقتضى حالِ المخاطب به.
عناصر البلاغة في الاصطلاح:
ممّا سبق يتبيّن لنا أنّ البلاغة ترجع في أصولها العامة إلى تحقّق العناصر السّتَّةِ التالية:
العنصر الأول: الالتزام بما ثبت في متن اللّغة وقواعد النحو والصرف، واختيار الفصيح من المفردات والْجُمَل والقواعدِ.
العنصر الثاني: الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد.
العنصر الثالث: الاحتراز عن التعقيد في أداء المعاني المرادة، سواء من جهة اللّفظ أو من جهة المعنى.