أي: ما يتوهُّمُه من أنّ الآخرين أساءوا يُصَدِّقُ توهُّمَهُ فيهم، لأنَّهُ يقيسُهم على نفسه، وما يَعْتَادُه من سوء عَمَل.
* ومنه قول صاحب "الوشي المرقوم في حلّ المنظوم" يصف قلم كاتب:
"فَلاَ تَحْظَى بِهِ دَوْلَةٌ إِلاَّ فَخَرَتْ عَلَى الدُّوَل، وَغَنِيَتْ بِهِ عَنِ الْخَيْلِ والْخَوَلِ، وَقَالَتْ: أَعْلَى الْمَمَالِكِ مَا يُبْنَى عَلَى الأَقْلاَمِ لاَ عَلَى الأَسَل".
العبارة الأخيرة حلّ لقول أبي الطيّب مع ردّ لمقاله وجعل أعْلَى الممالك ما يبنى على الأقلام:
"أَعْلَى الْمَمَالِكِ مَا يُبْنَى عَلَى الأَسَلِ" ... وَالطَّعْنُ عِنْدَ مُحِبِّيهِنَّ كَالْقُبَلِ.
***
الفرع الرابع: "التَّلْمِيح":
وهو أن يُشِيرُ الناثر أو الشاعر إلى قصة أو شعْرٍ أو نثرٍ ذكر ما أشار إليّه.
* ومنه قول أبي تَمَّام:
لَحِقْنَا بأُخْرَاهُمْ وَقَدْ حَوَّمَ الْهَوَى ... قُلُوباً عَهِدْنَا طَيْرَهَا وَهْيَ وُقَّعُ
فَرُدَّتْ عَلَيْنَا الشَّمْسُ وَاللَّيْلُ رَاغِمٌ ... بِشَمْسٍ لَهُمْ مِنْ جَانِبِ الْخِدْرِ تَطْلُعُ
نَضَا ضَوْؤُهَا صِبْغَ الدُّجُنَّةِ وانْطَوَى ... لِبَهْجَتِهَا ثَوْبُ السَّمَاءِ الْمُجَزَّعُ
فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَأَحْلاَمُ نَائِمٍ ... ألَمَّتْ بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرّكْبِ يُوشَعُ
فقد أشار إلى قصّة يُوشع عليه السلام على ما رُوي أنّه قاتل الجبّارين يوم الجمعة، فلمَّا أدبَرَتِ الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم، ويدخل السبت فلا يحلّ له قتالهم، فدعا الله عزَّ وجلَّ فردّ له الشمس حتّى فرغ من قتالهم.
ومنه قول أبي تمّام أيضاً:
لَعَمْرٌو مَعَ الرَّمْضَاءِ وَالنَّارُ تَلْتَظِي ... أَرَقُّ وَأحْفَى مِنْكَ في سَاعَةِ الْكَرْبِ