"إِنَّ الكِرَامَ إِذَا مَا أَيْسَرُوا ذَكَرُوا ... مَنْ كَانَ يَأْلَفُهُمْ فِي الْمَنْزِل الْخَشِنِ"

البيت الأخير لأبي تَمَّام، وقد نبّه ابن العميد على التضمين بقوله: "ولم يكن في ضروب الشِّعْرِ أنْشَدَني".

وأحْسَنُ التضمين ما زاد على الأصل أمراً حسناً، كتورية، أو تشبيه، ومنه قول ابن أبي الإِصبع مستغلاًّ شعر المتنبي لمعنى آخر غير الذي قصده:

إِذَا الْوَهْمُ أَبْدَى لِي لَمَاهَا وَثَغْرَهَا ... "تَذَكَّرْتُ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ وَبَارقِ"

وَيُذْكِروني مِنْ قَدِّهَا وَمَدامِعِي ... "مَجَرُّ عَوَالينَا وَمَجْرَى السَّوابِقِ"

الشطران الثانيان مطلع قصيدة للمتنبّي يمدح بها سيف الدولة، ولم يُنَبّه ابن أبي الإِصبع على التضمين لأن قصيدة المتنبّي مشهورة عند المشتغلين بالأدب.

الْعُذَيب وبَارِق: موضعان بظاهر الكوفة مَجَرُّ عَوَالينا: أي: مكان جرّ الرماح، وحركة جرّها. ومَجْرى السَّوابق: أي: مكان جري الخيل السوابق، وحركةُ جريها.

فأخذ ابن أبي الإِصبع من "الْعُذَيْب" معنى عذوبة ريق صاحبته، وأخذ من "بَارِق" البريق الذي يُرَى من ثغرها، على سبيل التورية.

وشبّه قدّها بحركة جرّ الرّماح، وشبّه جريان دمعهِ بِجَرْيِ الخيل السوابق.

قالوا: ولا يَضُرُّ التغيير اليسير عند التضمين.

والتضمين على حَالتين:

* فإِذا بلغَ مقدارُه تضمينَ بيت فأكثر، فقد يُطْلَق عليه لفظ "الاستعانه".

* وإذا كان مقدارُهُ شَطْرَ بيتٍ أوْ دونه، فقد يُطْلَق عليه "الإِيداع" إذ الشاعر قد أودع شعره شيئاً من شعر غَيْره، وقَدْ يُطْلَقُ عليه "الرَّفْوُ" لأنّ الشاعر "رَفَا" خَرْقَ شِعْرِه بشيءٍ من شعر غيره.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015