فقوله: "تقريهمو" استعارة تبعية، قرينتها: "لهذميات" وهو المفعول الثاني لنقري، لأن "القرى" هو: ما يقدم للضيف من طعام، فلا يجوز إيقاعه على "اللهذميات" بمعنى: الطعنات، فدل ذلك على أن المراد بالقرى: معنى يناسب هذه الطعنات، وهو تقديمها إلى الأعداء عند اللقاء.

وقد تكون القرينة المفعولين معاً، كما في قول الحريري:

وأقرى المسامع إما نطقت ... بياناً يقود الحرون الشموسا

والشاهد هنا: في قوله: "وأقرى المسامع بياناً"، فأقرى: استعارة تبعية في الفعل، وقرينتها تعلق القرى بكل من: المسامع، والبيان، وذلك لأن القرى- وهو تقديم الطعام للضيف- لا يصح إيقاعه على المسامع والبيان، وذلك دليل على أن المراد بالقرى: معنى يناسبها، وهو: التقديم.

رابعاً: المجرور: وذلك بأن يكون تعلق الفعل بالمجرور غير مناسب، فيدل ذلك على ان المراد به معنى يناسب ذلك المجرور، كما ترى في قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الانشقاق: 24] وذلك لأن التبشير هو إخبار بما يسر، فلا يناسب تعلقه بالعذاب وهو: الإنذار، أي الإخبار بما يحزن، ففي قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ} استعارة تبعية، قرينتها مجرور الحرف.

الاستعارة المكنية

عرفت مما أسلفنا لك ان الاستعارة تنقسم باعتبار ذكر أحد طرفيها إلى تصريحية، ومكنية، وقد عرفت الاستعارة التصريحية، فإليك الحديث عن الاستعارة المكنية، والتي يسمونها- أيضاً- الاستعارة بالكناية، لأن اللفظ المستعار فيها محذوف، ومكني عنه بذكر صفة من صفاته.

تعريفها

تعريفها: ذهب جمهور البلاغيين إلى أنها: "لفظ المشبه به المستعار في النفس للمشبه والذي قد حذف، ودل عليه بإثبات شيء من لوازمه وخواصه" كما في قول أبي ذؤيب الهذلي:

وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015