الظهور، وقوله كذلك كلام ألفاظه كالعسل في الحلاوة، هذا هو رأي الإمام عبد القاهر من أمثلة التشبيه التمثيلي عند الإمام عبد القاهر ما جاء في قول ابن المعتز:
اصبر على مضض الحسود ... فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله
إذ المراد -كما قلنا- تشبيه حال الحاسد يهمله المحسود بالإعراض عنه حتى يموت كمدًا بحال النار، لا تمد بالحطب فيأكل بعضها بعضًا حتى تصير رمادًا، وجه الشبه هنا هيئة عقلية حاصلة من سرعة الفناء؛ لعدم الإمداد بما يسبب البقاء والحياة، وهذه صورة عقلية غير حقيقية. إذن فهي داخلة عند الإمام عبد القاهر في التشبيه التمثيلي.
الرأي الثاني في التشبيه التمثيلي هو رأي السكاكي: أن التشبيه التمثيلي هو ما كان وجه الشبه فيه مركبًا عقليًّا كقول الله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} (البقرة: 17) فنجد أن وجه الشبه في الآية الكريمة -وهو تعاطي الأسباب المقربة لتحقيق الآمال حين ظهرت- دلائل النجاح، فانقلب الأمر، وجاء على عكس ما كانت تطمع إليه هذه الآمال، فوجه الشبه هنا هيئة عقلية انتزعت من أمور متعددة.
إذن فهذا هو رأي السكاكي: يرى أن هذه الهيئة العقلية هي التي تُمثِّل التشبيه التمثيلي، أيضًا ممكن أن يأتي مثل هذا عند السكاكي قول الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (الجمعة: 5) نجد أن وجه الشبه، وهو حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه، هذه هيئة مركبة عقلية.
إذن فهو داخل مع رأي السكاكي في أن هذا من التشبيه التمثيلي. الخطيب يرى أن التشبيه التمثيلي هو ما كان الوجه فيه مركبًا؛ سواء كان حسيًّا أو عقليًّا، هذا أعم من رأي السكاكي، فمقدار التفرقة عندهم بين التشبيه والتمثيل طبعًا، مع الخطيب جمهور البلاغيين. مدار التفرقة عندهم بين التشبيه