ما ذهب إليه الخطيب والسكاكي، إلا في مسألة الترتيب التي أدخلها الخطيب في التعريف صراحةً، وربما من أجل هذا لم يرد الخطيب أن يعترض على تعريف السكاكي أو يفنده.

من هنا يكون ما ذهب إليه التفتازاني والمغربي من أن بيت أبي دلامة:

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

ليس من المقابلة عند السكاكي؛ لأنه اشترط في الدين والدنيا الاجتماع، ولم يشترط في الكفر والإفلاس ضده، يكون هذا ليس بسديد، فعدم الشرط في الكفر والإفلاس هنا لا يقدح في المقابلة، وإن انتقص من كمالها وحسنها على ما بينه العصام.

صورة المقابلة إذن عند الخطيب لا تختلف كثيرًا عن صورة المقابلة عند السكاكي، والمقابلة على هذا تدخل صور المطابقة، ولكن لا بأس من أن يكون لها باب مستقل خاص يعالج مسائلها وصورها وخصائصها وبلاغتها؛ لأن الحديث عنها يتشعب ويطول، وإفراد باب خاص لها لا ينبغي أن يُفهم منه على أنها مختلفة عن الطباق اختلافًا جوهريًّا، فليس هذا بشرط دائمًا لتخصيص باب مستقبل لفن بعينه.

إن الأساس التي تقوم عليه المقابلة عند السكاكي والخطيب هو نفس الأساس الذي يقوم عليه الطباق وهو التضاد في المعاني.

غاية ما في الأمر، أن التضاد في الطباق يقوم بين معنيين متضادين فقط، أما في المقابلة فإن التضاد يكون بأكثر من ذلك، وهنا ينفرد التقابل بخصوصية وهو أن المعاني المجتمعة قبل التقابل لا بد أن تكون متوافقة، وهذا النوع طباق صريح عند كثير من القدماء والمحدَثين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015