فإلا الأولى في المعنى غير الثانية؛ لأن الأولى أعمدة الخيام عهدت لها منزلًا دائرًا وإلًا، والثانية ما يرفع الشخوص من السراب على الماء يحملن إلًا، هذا هو معنى الطباق عند قدامة ومن تبعَه.
ولا يُخفى أن هذا الذي سماه قدامة طباقًا هو الجناس عند جمهور البلاغيين، أما الطباق عند جمهور البلاغيين فقد نعته قدامة بالتكافؤ، وخصه بهذا الاسم، وهذا الذي صنعه قدامة وأتباعه لم يعجب كثيرًا من نقاد الأدب منهم أبو بشر الآمدي، فقد علق على هذا الصنيع بقوله: لم أكن أحب له أن يخالف من تقدم مثل أبي العباس عبد الله بن المعتز وغيره، ممن تكلم في هذه الأنواع وألَّف فيها، إذ قد سبقوا إلى التلقين.
هذا، ويأتي الطباق في الكلام على أربع صور:
وهي أن يكون بين اثنين كما في قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُود} (الكهف: 18)، وقوله -عز وجل-: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّور ُ* وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} (فاطر 19: 22)، وقوله -جل وعلا-: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (البقرة: 179)، وقوله -تبارك وتعالى-: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} (الحديد: 3).
ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة للكبر، ومن الحياة للموت، فوالذي نفس محمد بيده، ما بعد الموت بمستعتب، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار)).
وقول علي -رضي الله عنه-: "إن كثرة النظر إلى الباطل تذهب بمعرفة الحق من القلب"، ومنه قول امرئ قيس: