ونلحظ أنه يستمد من الجاحظ في بيانه كما يستمد من ابن قتيبة في حديثه عن حسن اللفظ بمقدمة كتابه (الشعر والشعراء).

ثم بعد ذلك انتقل يتحدث عن نعت المعاني، ولاحظ أن أغراض الشعر كثيرة، من ثم اكتفى منها ببيان الأغراض المهمة، وهي المدح والهجاء والمراثي والتشبيه والوصف والنسيب، ثم راح يقول: إن هذه الأغراض التي ذكرها إنما هي وجوه من جملة معاني الشعر، أما ما يعم جميع تلك المعاني فإنه سيعنَى بذكره وبيانه، وأول ما يعنى به من ذلك صحة التقسيم، وهو أن يستوفي الشاعر جميع الأقسام لما ابتدأ به، ثم بعد ذلك تكلم عن صحة المقابلات، وتحدث فيما بعد عن صحة التقسيم، هو أن يذكر الشاعر في بيت معنيين متقابلين في إجمال، ويفسرهما ويستوفي شرحهما، إما في الشطر الثاني المقابل، وإما في بيت لاحق.

تحدث بعد ذلك في نعوت الجودة عن عناصر الشعر الأربعة: اللفظ والمعنى والوزن والتقفية، واستطاع من خلال ذلك أن يصل إلى ثمانية عشر محسنًا، هي على الترتيب: الترصيع والغلو وصحة التقسيم وصحة المقابلات وصحة التفسير والتتميم، وقد ضمنه ما سماه ابن المعتز بالاعتراض والمبالغة والإشارة والإرداف والتمثيل، وقد سمي بعده باسم المماثلة، والمطابق وسمي بعده باسم التعطف، والتوشيح، وقد وسع معناه بالقياس إلى ما سماه ابن المعتز باسم رد الأعجاز على ما تقدمها، والإيغال والتكافؤ، إلى غير ذلك حتى بلغ هذه الثمانية عشر.

وكما قلنا: اقتفَى أثره في ذلك أبو هلال العسكري الذي جمع في كتابه (الصناعتين) وغاية ما جمعه سبعة وثلاثين نوعًا، ثم جاء ابن رشيق القيرواني فأضاف إلى ذلك في كتابه (العمدة) ثلاثة وثلاثين بابًا من فضائل الشعر وصفاته وأغراضه وعيوبه، وغير ذلك من أنساب الشعراء وأحوالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015