ومن ذلك أيضا قوله عز وجل: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} (الأعراف: 4) فقد ذكر الإهلاك وأراد إرادته والعزم عليه حيث لم يأت بعد بقرينة أنه رتب بالفاء وإتيان البأس متقدم على الإهلاك، فدل ذلك على أنه أراد بالفعل وهو الإهلاك إرادته والعزم عليه فهو من إطلاق المسبب وإرادة السبب.

من ذلك قوله جل وعلا: {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء: 6) حيث عبر بالإهلاك أيضا في موضع الإرادة، فهو من باب ذكر المسبب وإرادة السبب.

علاقة: الجزئية، الكلية، اعتبار المكان

من هذه العلاقات التي تخص المجاز المرسل علاقة الجزئية، وهو أن يذكر الجزء ويراد الكل، فالقيام المعبر به عن الصلاة في قول الله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (المزمل: 2) وفي قوله: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} (التوبة: 108) وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه)) فالمراد بالقيام في هذه النصوص الصلاة وهي ركن من أركانها، وقد سميت الصلاة به من باب تسمية الكل باسم الجزء.

ومثل ذلك أيضا قوله: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (العلق: 19) وقوله: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (النجم: 62) وقوله: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} (الحجر: 98) قد عبر في كل ذلك عن الصلاة بالسجود، وهو ركن من أركانها، وذلك عن طريق المجاز المرسل الذي علاقته الجزئية. كذلك من هذا الضرب قول معن بن أوس في ابن أخته:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015