ما كنت أحسب أن الدهر يمهلني ... حتى أرى أحدًا يهجوه لا أحد
فقد استعار الأسد للجبان استعارة عنادية تمليحية؛ إذ الجامع وهو الشجاعة موجودة في الأسد حقيقة وفي الجبان تنزيلًا. من ذلك أيضًا قول الآخر:
سليمان ميمون النقيبة حازم ... ولكنه وقفٌ عليه الهزائم
فقد استعار الهزائم للانتصارات استعارة عنادية تمليحية؛ إذ مراد الشاعر أن سليمان لا يحزم أمرًا، ولا يحرز نصرًا، ولا يتحقق على يديه أدنى خير.
كما أن الاستعارة تنقسم -وهذه من ضمن التقسيمات التفريعية- إلى مطلقة، ومجردة، ومرشحة، وذلك باعتبار ذكر الملائم لأحد الطرفين وعدم ذكره.
أما الاستعارة المطلقة: فهي التي لم تُقترن بما يلائم المستعار له أو المستعار منه، أو اقترنت بما يلائمهما معًا كقولنا: طلع البدر من جانب الخدر، تريد المرأة الحسناء؛ فقد استعير البدر لها، ولم يذكر في الجملة ملائم، لا للمستعار له ولا للمستعار منه. وأما قولنا من جانب الخدر فهي قرينة للاستعارة، ولا يعد ملائمًا للمستعار له.
ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} (الحاقة: 11) فقد استعير الطغيان للزيادة بجامع مجاوزة الحد في كلٍّ وفقط، ولا يوجد في الآية ملائم لأحدهم، ونقول مثلًا: رأيت بحرًا يتكلم نستعير البحر للعالم، ولا ملائم لأحدهما في الجملة. أما كلمة يتكلم فقرينة للاستعارة، وليس ملائمًا، ومما اقترنت فيه الاستعارة بملائم لكل منهما قول كثير عزة: