إلى حافة اليأس منه، وإذا بدت لك إجاز التحليل فإننا نسارع إلى تلبية تلك الرغبة فنقول:
أولًا: شبهت الشمال بالرسول بجامع إيصال المراد في الطرفين.
ثانيًا: تنوسي التشبيه، وادعي أن الشمال من أفراد الرسول، ثم حُذف المستعار وهو الرسول، ورمز إليه بشيء من خصائصه، وهو إبلاغ التحية للشمال، قرينة هذه الاستعارة كما عرفنا، وكما هي عند أرباب البيان استعارة تخييلية، هذه هي الطريقة التي نتعرف بها على طبيعة الاستعارة، ونقف منها على عبقرية الشاعر وهو يصهر طرفيها ويصوغ منها تلك الحلية الساحرة المبهرة.
والقاعدة في كل هذا وفي إجراء أية استعارة مكنية كانت أم تصريحية أن تضع في ذهنك أن المستعار منه هو المشبه به، وأن المستعار له هو المشبه، ولنسترسل إذن في الحديث عن الاستعارة التصريحية؛ لنتمم بها الأقسام الرئيسة للمجاز اللغوي لعلاقة المشابهة، ولندرب أنفسنا على كيفية إجراء الاستعارة أكثر فأكثر، وعلى كيفية التعامل مع هذا الضرب من فنون القول.
الاستعارة التصريحية، كما ذكر البلاغيون: ما صرح فيه بلفظ المشبه به أي: بلفظ المستعار منه كقولك مثلًا: رأيت أسدًا يخطب الناس، فالمعنى المراد -كما ترى- هو الرجل الشجاع، وهو المشبه، وهو إن حذف إلا أن له تحقق ووجود ليس متخيلًا ولا متوهمًا، ولذا تسمى التصريحية بأنواعها تحقيقية، وفيها يصرح عادة بلفظ المشبه به، كما عندنا هنا في لفظ الأسد في المثال الذي ذكرنا، ومن ثم فقد أطلق عليها استعارة تصريحية.
والاستعارة التصريحية تنقسم باعتبار اللفظ المستعار إلى أصلية وتبعية: