والمقصود يالنياحة هنا التصويت بالجزع وتكلف البكاء لأجل التحزين، وكان العرب يسمون المشاركة في النياحة إسعادا ويرون واجبا عليهم أن ينوحوا مع من ناح عليهم،كما في حديث أم عطية رضي الله عنها قالت: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة يدها فقالت أسعدتني فلانة أريد أن أجزيها فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فانطلقت ورجعت فبايعها) (?)
وفي هذه العادة الجاهلية مناقضة لما جاء به الإسلام من الحث على الصبر والاحتساب لذا جاء النهي عنها والتغليظ والتشديد في النهي كما سبق، ولا يفهم من ترك النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة لتذهب للمشاركة في النياحة أن ذلك إقرار لها، بل هو من عدم قبول بيعتها، وإنما تركها لتعمل عمل الجاهلية لبقائها عليها فلما أنهت علاقتها بالجاهلية وعملها بايعها.
ومما يدل على إنكار النبي صلى الله عليه وسلم للنياحة والإسعاد فيها حديث
أم سلمة قالت: (لما مات أبو سلمة قلت غريب وفي أرض غربة لأبكينه بكاء يتحدث عنه فكنت قد تهيأت للبكاء عليه إذ أقبلت امرأة من الصعيد تريد أن تسعدني فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه مرتين فكففت عن البكاء فلم أبك) (?)