ومع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم العظيم إلا أنه كان يتحاشى ما يعلم أنه يسوء أصحابه فلا يضع نفسه موضع الريبة ولا يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه ولذا فقد قدر غيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أنه كان في المنام كما يشهد بذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر قلت لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب فذكرت غيرته فوليت مدبرا قال أبو هريرة فبكى عمر بن الخطاب ثم قال أعليك بأبي أنت وأمي يا رسول الله أغار) (?)
ويزداد المرء إجلالا لمقام النبي صلى الله عليه وسلم حين يقف موقفا وقفه صلى الله عليه وسلم ويتذكر موعظة وعظ بها كما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أنه كان واقفا بعرفات فنظر إلى الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب فبكى واشتد بكاؤه وتلا قول الله عز وجل ((اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ)) إلى ((الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)) فقال له عبده يا أبا عبد الرحمن قد وقفت معك مرارا لم تصنع هذا فقال ذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بمكاني هذا فقال أيها الناس لم يبق من دنياكم هذه فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه) (?)