على مركب من مراكب الفرسان! وأطال الوقوف حتى ملّ ظهر الفرس، وأتوه ببغل فركبه، فقيل لو [هرز: قد] نزل عن الفرس، وركب البغل. قال: عن مراكب الملوك، وعن معاقل [الفرسان] ، ثم ركب البغل ابن الحمار! وكان على مسروق تاجه، وياقوتة معلّقة بين عينيه، فقال وهرز لمن حوله: إني راميه، فإن رأيتموهم يجتمعون عليه، ولا ينفرجون عنه، فقد قتلته، فشدّوا عليهم شدّة واحدة، وإن تفرّقوا فإنما هي رمية. فرمى فأصاب نفس الياقوتة المعلقة بين حاجبيه، ففلقتها، وغابت النشّابة في رأسه، فاجتمعوا عليه، ولم يتفرّقوا عنه، فشدّوا عليهم شدّة واحدة كانت إياها.
وبلغني عن عليّ بن زيد بن جدعان «1» ، قال:
شخص أبو سفيان إلى معاوية بالشام، في ولاية عمر رضي الله عنه، ومعه ابناه عتبة وعنبسة، فكتبت إليه هند: «قد قدم عليك أبوك وأخواك، فلا تغذم لهم «2» ، فيعزلك عمر. احمل أباك على فرس وأعطه ثلاثة آلاف درهم، واحمل عتبة على بغل وأعطه ألفي درهم، واحمل عنبسة على حمار واعطه ألف درهم» .
فلما فعل ذلك بهم قال أبو سفيان: أشهد أنّ هذا عن رأي هند، بصفة جوائز ملوك الشام، وما لخلفاء الشام والدّراهم، ما يعرفون إلّا الدنانير! قال النابغة الجعدي: