الخلاسي المتولد من النبطي والهندي، ومنها الكلاب الخلاسية المتولدة من الكلاب المردية والسلوقية، ومنها الحمام الورداني والحمام الراعبي. وهذه الأجناس من المركبات عرفها الجاحظ وتحقق منها. ولكن ثمة أجناس أخرى مركبة لم يتحقق منها أمثال: السمع والعسبار والديسم والعدار والزرافة واللخم والكوسج والدلفين والشبوط وبلقيس إلخ. وكل ما يعلمه عنها إنما سمعه في الأشعار ومن أفواه رجال لا يعرفون بالتحصيل والتثبت، وليسوا بأصحاب توق وتوقف. ولذا نراه ينتقد بعض الأخبار الواردة بشأنها. فهو مثلا يغلّط أياس بن معاوية القاضي الذي يزعم أن الشبوطة خلقت من بين الزجر والبني مستدلا على دعواه بأن جوف الشبوطة يخلو من البيض فيقول: «فأنا رأيت في جوفها البيض مرارا ... والشبوط جنس يكون ذكرانه أكثر، فلا يكاد إنسان يقل أكله للشبوط يرى بيض الشبوط. فإذا كان أياس يغلط هذا الغلط، فما ظنك بمن دونه» .
وكذلك يشك الجاحظ بتلاقح الجن والإنس وبالزعم أن بلقيس ملكة سبأ أمها جنية وأبوها إنسي، وذلك لبعد الشبه بين الإنس والجن ولأن الملاحظة لا تؤيد هذا الزعم. أسمعه يوضح رأيه: «فاحسب أن التناكح يكون بين الجن والإنس، من أين أوجبوا التلاقح، ونحن نجد الإعرابي والشاب الشبق، ينيكان الناقة والبقرة والعنز والنعجة، وأجناسا كثيرة فيفرغون نطفهم في أفواه أرحامها، ولم نر ولا سمعنا على طول الدهر، وكثرة هذا العمل الذي يكون من السفهاء، ألقح منها شيء من هذه الأجناس، والأجناس على حالهم من لحم ودم، ومن النطف خلقوا. وأصل الإنسان من طين، والجان خلق من نار السموم، فشبه ما بين الجن والإنس، أبعد من شبه ما بين الإنسان والقرد، وكان ينبغي للقردة أن تلقح من الإنسان» . ثم يردف قائلا أن