الكتاب المطبوع ناقص بمقدار النصف، والثاني أن النسخة الكاملة، مختصرة بحيث حذف ناسِخُهَا أسانيدَ الكِتَاب، فلا يَذكُر إلا الصَّحَابي، أو بالكاد يَذكر التابعي أو من دونه نادرًا، فأسقط في يدي، وتحسرت على فقد نصف هذا الكتاب الجليل، وشكوت ما وجدت للدكتور أحمد معبد حفظه الله تعالى فأرشدني جزاه الله خيرًا إلى أن هناك نسخة في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، فأرسلت من فوري في طلبها، وجاءتني النسخة وكانت غاية في الجودة والإتقان، فاغتبطت بها جدا ولكن عكر علي سوء تصويرها في عدة مواضع منها، وخرم وقع في أولها وآخرها، سأصفه في بابه.
لكني عزمت على العمل وبدأت في نسخ الكتاب من نسخة الجامعة الإسلامية التي عانيت في نسخها عناء لا يقدره إلا من عانى معاناتي، ولكن همتي في إخراج كتاب لإمام كالبيهقي لم يطبع من قبل= دفعتني لإنجازه، ومرت الأيام وإذا بخبر يصك سمعي بأن أحد الإخوة قد انتهى من تحقيق الكتاب، فانثنى عزمي وخارت قوتي، وتوقفت عن العمل فيه، منتظرا لتلك الطبعة التي قالوا عنها، لكن علمت بعد ذلك أن الأمر لم يكن بالجِدِّ إنما كان كما يقولون «حجزا للكتاب»، ثم إن ربي أكرمني بنسخة مكتبة أحمد الثالث عن طريق أخي الحبيب الأستاذ وائل محفوظ، والتي قوت عزيمتي مرة أخرى فهي نسخة جيدة وكاملة، كما سيأتي وصفها إن شاء الله، وإن الله - عز وجل - إذا أراد شيئا هيئ أسبابه، فكان من تقدير الله أن يوفقني لنسخة أخرى ألا وهي نسخة مكتبة سان بطرس برج، فعلمت أن الله - عز وجل - قد شاء أن أمضي في الكتاب قدما، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وسينتظم حديثي في هذه المقدمة في خمسة أبواب: