احْتَجَبْنَ عَنه وقُلْنَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لَه، فَانْهِكُوا وُجُوهَ القَوْمِ، فِدَاكُم أَبِي وأُمِّي؛ فَإِنَّ أَوَّلَ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِن دَمِ أَحَدِكِم يُحُطُّ اللهُ بها عَنهُ خَطَايَاه كَمَا يَحُطُّ الغُصْنُ مِن وَرَقِ الشَّجَرة، وتَبْتَدِرُهُ اثْنَتَانِ مِن حُورِ العِين، ويَمْسَحَانِ التُّرَابَ عن وَجْهِهِ ويقولان: قد أَنَى لَك، ويقول: قد أَنَى لَكُمَا، فَيُكْسَى مِائَةَ حُلَّةٍ لَو وُضِعَت بَين إصْبَعِيَّ هَاتَين لوسعتاهما، لَيست مِن نَسْجِ بَنِي آدَم، ولكنهما مِن ثِيابِ الجَنَّة، إِنَّكُم مَكْتُوبُونَ عندَ اللهِ بِأَسْمَائِكُم، وسِمَاتِكُم،
ونَجْوَاكُم، وخِلَالِكُم، ومَجَالِسِكُم (?)، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فُلَان، هذا نُورُك، يا فلان، لا نُورَ لَك، وإِنَّ لِجَهَنَّم جِبَابًا مِن سَاحِلٍ كَسَاحِلِ البَحْرِ فِيه هَوَام، حَيَّات كَالبَخَاتِيِّ، وعَقَارِب كَالبِغَال الدُّلم أو كالدُّلم (?) البِغَال، فَإِذَا سَأَل أَهْلُ النَّارِ التَّخْفَيفَ قيل: اخْرُجُوا إلى السَّاحِلِ، فَتَأْخُذُهم تِلك الهَوَام بِشِفَاهِهِم وجُنُوبِهِم، ومَا شَاءَ اللهُ مِن ذَلِك فَتَكْشِطُها، فَيَرجِعُونَ فَيُبَادِرُونَ إلى مُعْظَم النَّار، ويُسَلَّطُ عَلَيهم الجَرَبُ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُم لَيَحُكُّ جِلْدَهُ، حَتَّى يَبْدُو العَظْمُ، فَيُقَال: يا فَلَان، هل يُؤْذِيكَ هَذَا؟ فيقول نعم، فيقال له: بِمَا كُنت تُؤْذِي المُؤْمِنِينَ» (?).
* * * * *