(659) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا ابن أبي إسحاق المُزَكِّي، قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يُوسُف، حدثنا علي بن الحَسَن ابن أَبي عِيسَى الهِلَالِيُّ، حدثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهَال الأَنْمَاطِي، حدثنا حماد بن سَلَمَة، حدثنا ثَابِتٌ، عن أَنَسِ بنِ مَالِك، عن ابن مَسْعُودٍ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
«آخِرُ مَن يَدخُل الجَنة رَجُلٌ يَمشِي على الصِّرَاط، فهو يَمشِي مَرةً، ويَكْبُو مَرَّةً، وتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فإذا جَاوَزَها، الْتَفَت إِلَيها فقال: تَبَارَك الذِي أَنْجَانِي مِنْك، لَقَد أَعطَانِي شَيئًا مَا أَعطَاهُ أَحَدًا مِن الأَوَّلِين والآخِرِين، فَيُرْفَع لَه شَجَرةٌ، فيقول: أَي رَبِّ، أَدْنِنِي مِن هَذه الشَّجَرة، فَلأَسْتَظِلُّ بِظِلِّها، وأَشْرَب مِن مَائِهَا، فيقول الله - عز وجل - له: يا ابنَ آدَمَ لَعَلِّي إِن أَعْطَيتُكَهَا تَسأَلْنِي غَيْرَها، فيقول: لا، أي رَبِّ، فَيُعَاهِده أَن لا يَسْأَله غَيرَها، فَيُدْنِيه مِنهَا، وَرَبُّه يَعْلَم أَنَّه يَفْعَل؛ لأنه يَرَى مَا لَا صَبْر لَه عَلَيه، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّها، ويَشْرَبُ مِن مَائِها، ثم تُرفَع له شَجَرةٌ أُخرى هِي أَحْسَن مِن الأُولَى، فيقول: أي رَبِّ، أَدْنِنِي مِنهَا، فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها، ولا أسألك غيرها، ورَبُّه يَعْلَم أَنَّه سَيَفعَل وهو يَعْذِرُهُ؛ لأنه يَرَى ما لا صَبْرَ لَه عَلَيه، فيقول الله - عز وجل -: يا ابن آدم، أَلَم تُعَاهِدني ألا تَسْأَلني غَيرَها؟ فيقول: بلى، أي رَبِّ، ولَكِن هَذِه، لا أَسْأَلك غَيرهَا، فيقول الله - عز وجل -: إِن أَدْنَيتُك، تَسْأَلْنِي غَيرَها، فَيُعَاهِده أَلَّا يَفْعَل، فَيُدنِيه منها، فَيَستظل بِظِلِّها، ويَشرب من مائها، ثم تُرفَع له شَجَرةٌ عِندَ بَابِ الجَنَّة هي أَحسن مِن الأُوْلَتَيْن، فيقول: أَي رَبِّ، أَدْنِنِي مِن هَذِه الشَّجَرة، فَلأستظل بِظِلِّها، وأشرب من مائها، فيقول الله - عز وجل -: يا ابن آدم، ألم تُعَاهِدني أن لا تَسألني غيرها؟ فيقول: بلى، أي رب، هذه، لَا أَسْأَلُك غَيرَها، فيقول: لَعَلِّي إن أَدْنَيتُكَ