فأقول: أَنَا لَهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأسْتَأَذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَن لِي، فَأحْمَدُهُ بِمَحَامِد لا أَقْدِرُ عَلَيْهَا الآن، ثُمَّ أَخِرُّ لَه سَاجِدًا، فَيُقَال لِي: يا مُحَمَّد، ارفْع رَأسَك، وقُل يُسمع لك، واشفع تُشَفَّع، وسَل تُعْط، فيقول: يا رَبِّ، أُمَّتي، يا رَبِّ، أمتي، فيقال لي: انْطَلِق، فَمَن كَان في قَلبِهِ مِثقالُ بُرَّةٍ أو شَعِيرة -شَكَّ حَمَّادٌ- مِن إِيمان؛ فَأخْرِجْه منها، فأنطلق فَأفعل، ثُم أَرجع إلى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِد، ثُمَّ أَخِرُّ له سَاجدًا، فيقال لي: يا مُحَمَّدُ، ارْفَع رَأْسَك، وقُل يُسمَع لك، وسَل تُعْطَ، واشْفَعْ يُشفَع لَك، فأقول: أَي رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي، فيقال لي: انطلق فَمن كَان في قلبه مِثْقَالُ حَبَّة مِن خَرْدَل مِن إِيمان؛ فَأخرجه منها، فأنطلق فَأَفعل، ثم أَرجِع إلى ربي فَأحمده بتلك المحامد، ثم أَخِرُّ له سَاجِدًا، فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أَدْنَى أدنى أدنى ثَلاثَ مَرَّات مِثقال حَبَّةٍ مِن خَردل مِن إيمَان؛ فأخرجه مِنَ النَّارِ، من النار، من النار، ثلاث مرات».
فهذا حَديثُ أَنَسٍ الذِي أنبأنا به، فَلمَّا خَرَجْنَا مِن عِنْدِه قُلنا: لو مِلْنا إلى الحَسَن، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، وهو مُسْتَخْفٍ في مَنْزِلِ أَبي خَلِيفَة، فَدخَلنا عَليه فَسَلَّمنا عليه، وقلنا له: يا أَبَا سَعِيدٍ، لَم نَسْمَع بِمِثْلِ حَديثٍ حَدَّثنا أَخُوك أبو حَمْزَةَ، قال: وما هو؟ هاتوا، قال: فحدثناه الحديث، فلما فَرَغنا قال: هِيهْ، قال: قلنا: ما زادنا على هذا، قال: لقد حدثني منذ عِشرينَ سَنة، وهو يومئذ جَمِيع، فَلَقَد تَرك شَيئًا ما أَدري أَنَسِي، أو كَرِهَ أن يُحدِّثَكُم فَتَتَّكِلوا، قلنا: وما هو؟ حَدِّثنا، قال: فضحك وقال: خُلِقَ الإنسانُ عَجُولا، إني لَم أَذْكُر لَكُم هَذَا إِلَّا وأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثْكُمُوه، حَدَّثنا كَمَا حَدَّثَكُم،
«ثم أَقُومُ في الرَّابِعَة، فأحمده بتلك المحامد، ثم أَخِرُّ له سَاجِدًا فيقال لي: ارفع رأسك، وقُل يُسمع، وسَل تُعط، واشْفَع تُشَفع، فأقول: ائذن لي فِيمَن