قال الشَّيخُ: وقوله: «ظُلْمٌ لا يُتْرَك» المراد به -واللهُ أَعلم-: لا يُترَكُ حتَّى يُثَابَ المَظْلُومُ عَلى ما نِيْلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَد يَكونُ ذَلِك بَأَخْذِ مِقْدَارِه مِن ثَوابِ حَسَناتِ الظَّالِم، أو يُوضَع مِقْدَارُه مِن جَزاءِ سَيئاتِه عَلَيه، وقد يَرْحَم اللهُ تعالى بِفَضْلِهِ وسَعَةِ رَحْمَتِه الظَّالِمَ والمَظْلُومَ، إذا كَانَا مُؤمِنَيْنِ، فَيُثِيب المَظْلُومَ خَيْرًا مِن مَظْلَمَتِهِ، ويَغْفِرُ للظَّالِم ظُلْمَه، قال الله - عز وجل - {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. ورَدَّ الأَمرَ فِيمَا دُونَ الشِّرك إلى مَشِيئَتِهِ، يَفْعلُ اللهُ مَا يَشَاء، ويَحْكُمُ ما يُرِيد.
(389) أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانيُّ، حدثنا عَفَّانُ، حدثنا يَزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، حدثنا سَعِيدٌ في قوله - عز وجل -: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] قال: حدثنا قَتَادَةُ، حدثنا أبو المُتَوَكِّل النَّاجِي، أَنَّ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ حَدَّثَهُم قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
«يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، قال: والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُم أَهْدَى إِلى مَنْزِلِهِ في الجَنَّةِ بِمَنْزِلِه كَان في الدُّنْيَا».
قال قتادة: وقال بَعْضُهُم مَا يُشَبَّه بهم، إِلَّا أَهْلِ الجُمُعَة انْصَرفُوا مِن جُمْعَتِهِم.
رواه البخاري في الصحيح (?)، عن الصَّلْت بنِ محمد، عن يَزِيدَ بنِ زُرَيْعٍ.