الارْتِدَاد؛ فَلا عِلمَ لَهُم بِذَلِك، فَقَالُوا لا عِلْمَ لَنَا، أي: كَعِلْمِكَ، أَنتَ تَعْلَمُ مَا أَسَرُّوا ومَا أَحدَثُوا، إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، غَيْبَ مَا كَان، ومَا لم يَكُن.
وقَد قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ في بَعْضِ مَواطِنَ يَومِ القِيَامَةِ، تَذْهَلُ فيه عُقُولُهُم مِن شِدَّةِ هَوْلِ المَسأَلَة، وهَولِ ذَلِك المَوْطِن، فَيقُولُون: لا عِلْمَ لَنَا، ثُم تَرْجِعُ إليهم عُقُولُهم، فَيَشْهَدُونَ عَلى قَومِهِم بِمَا أَجَابُوا، وإلى مَعْنَى هذا ذَهَبَ السُّدِّيُّ والكَلْبِيُّ ومُقَاتِل».
(342) أخبرنا أبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ إبراهيمَ بن محمد بن يَحْيى المُزَكِّي، أخبرنا أبو عبد الله محمدُ بنُ يَعقُوبَ، حدثنا أبو أحمدَ محمدُ بنُ ... عبد الوَهَّاب، حدثنا جَعفرُ بنُ عَوْنٍ قال: حدثنا الأَعْمَشُ، عن أبي صَالِحٍ، عَن أَبِي سَعِيد الخُدْرِي قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
«يُدْعَى نُوحٌ - عليه السلام - يومَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَل بَلَّغْتَ؟ فيقول: نعم، قال: فُتَدْعَى أُمَّتُهُ، فَيُقالُ لهم: هل بَلَّغَكُم؟ فيقولون: مَا أَتَانَا مِن نَذِيرٍ، ومَا أَتَانا أَحَدٌ، قال: فَيقُول: مَن شُهُودُك؟ فَيقول: مُحَمَّدٌ وأُمَّتُهُ، قال: فَيُؤْتَى بِكُم، فَتَشْهَدُونَ أَنَّه قَد بَلَّغَ (?)، وذلك قول الله - عز وجل - {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]. والوَسَطُ: العَدْل، قال: فَتَشْهَدُونَ، ويَكُونُ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدًا».
رواه البخاري في الصحيح (?)، عن إِسحَاقَ بنِ مَنصُور، عن جَعْفَر بنِ عَوْن.