تقطيعاً، وأذكرهاهم ناراً، وأطيبهم يداً، ما أكاد أقترح عليه شيئاً إلا وجدته قد سبقني إليه، معب للموائد، ملبك للثرائد، مع كل حار وبارد، كأن مائدته رياض مزخرفة، أو برود مفوفة، مرتب للألوان، منظف للخوان، لا يجمع بين شكلين، ولا يوالي بين طعامين، ولا يغرف اللون إلا وضده، ينضج الشواء، ويحكم الحلواء، ويخالف بين طعام الغداء والعشاء، يكتفي باللحظة، ويفهم بالإشارة، ويسبق إلى الإرادة، كأنه مطلع على الضمير من الزائر والمزور، فأودى فقيداً حميداً، ليس مثله موجوداً طريفاً ولا تلبيداً؛ فما ظنك - أعزك الله - بمبتلى تجمع عليه فقد مثل هذه العقدة النفيسة، وتطاول الأيام بهذه الناحية الممحلة الموحشة، والله - عز وجل - لا أتقي إلا الشماتة، ولست في ثغر فأحتمل عاجل الضنك، ولا بإزاء عدو فيشغلني مقارعته وحلاوة الظفر به والنكاية فيه عن ملاذ الطعام، وأسأل الله عز وجل الكريم المنان أن يختار لي ويعجل مما أنا فيه راحتي، ويبدلني خيراً منه زكاة وأقرب رحماً، بجوده ومنه. وكتابك - أعزك الله - إذا ورد علي نفى عني هذه الوحشة، وأمن غب هذه الهفوة، فإن رأيت - جعلني الله فداك - أن تهدي لي براً وصلة، ووصلة وأنسة فعلت، إن شاء الله تعالى.