إنه لا يزال يبلغني أن القائل يقول: إن بن العباس فيء لنا، نرتع في أموالهم، ونخوض في دمائهم، عزم بلا علم، وفكر بلا روية، وخطة يركبها الغاوون. عجباً لمن أطلق بذلك لسانه، وبسط به يده، أطمع في ميلي معه، وبسطي يدي بالجور له؟ هيهات، فاز ذو الحق بما يهوى، وأخطأ الظالم ما تمنى، حق كل ذي حق في يده، وكل ذي دعوى على حجته؛ لم يخطىء المنصف حظه، ولم يبق الظالم على نفسه؛ حق لمن أمر بالمعروف أن ينهى عن المنكر، ولمن سلك سبيل الحق أن يصبر على مرارة العذل؛ كل نفس تسمو إلى هتمها، ونعم الصاحب القناعة، ثم توارى عن الناس وأضرب عن الرأي والخروج.
هكذا يكون الشريف في دينه ونسبه وعفته وأدبه، لا كقوم نسأل الله عز وجل العياذ من شرهم، والصلاح لهم في أنفسهم، فإن الإسلام لم يخلولق رسمه، ولا عفى أثره، ولا تخلخل ركنه، إلا بما ظهر من الفساد في معدن النبوة وأرض الرسالة، ولله عز وجل أمر هو بالغه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال عبد الله بن عباس بن الحسن لأحمد بن أبي خالد الأحول: إن من العجب ضيق الملك بأموره، واختلاطه في تدبيره، وليس فوق يده يد لأحد من رعيته يدفعها، ولا دون سطوته جنة يجتنها إذا ضاق في ما لا ينازع