أدب أولياء الله تعالى، وقلما يظفر من المتكلمين بمتأله له حرقة من قد فاته مطلوب، أو توفي من قد حصل له يقين، هكذا شهدت من شهدت طوال هذا السنين بالعراقين والحجاز وفارس والجبال، ولولا الإطالة لسميت لك واحداً بعد واحد، وأنت بكل عارف، وعلى أحوالهم واقف.
وكان أبو حامد شديد الأزورار عن الخلاف، شديد القعة في أهله. وكان أدنى ما يقول فيهم: الفقهاء إذا قالوا: قال الإجماع، وأنعقد الإجماع، أنهم لا يرادون بهذا اللفظ، لأن الإجماع لا ينعقد بهم، والخلاف منهم لا يعتد به، وشريعة النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي الحلال والحرام، والنظر في قواعد الأحكام، وتسليم ما غمض في هذه الفصول على الأفهام؛ وكان يقول أشياء غير هذا سأرويها لك.
وإنما أولع بذكر ما يقوله هذا الرجل لأنه أنبل من شاهدته في عمري، وكان بحراً يتدفق حفظاً للسير، وقياماً بالأخبار، وأستنباطاً للمعاني، وثباتاً على الجدل، وصبراً في الخصام.