قال النبي صلى الله عليه وسلم: خمس من أتى الله بهن أو بواحدة منهن أو جب له الجنة: من سقى هامة صاديةً، أو أطعم كبد هافية، أو كسا جلدة عارية، أو حمل قدماً حافية، أو أعتق رقبة عانية.
قوله سقى وأسقى، وقد فصل قوم بينهما، فقال: سقى أي جعل له ما يسقي به نفسه، وأسقى أي حصل له ماء سقيا، والسقي - بكسر السين - فنصيبه الباقي من المسقي، فأما السقي فمصدر على بابه المعتاد. والهامة الصادية: الإنسان العطشان، وفي سقي الماء آثار مأثورة: والصدى مقصور، يقال: صدي يصدى صدىً وهو صادٍ. والكتاب يقولون: أن صاد إلى لقاؤك، على الاستعارة، فهو كلام العرب، وأما الصدى فهو الذي يجيبك إذا ناديت بين جبلين، وذلك تراجع الصوت على الحقيقة ليس إن حيواناً يرد عليك وتقول في الأول أن صادٍ وصديان وهي صادية وصديا، ويقال: فلان صدى مالٍ إذا كان سائساً له لا هم له سواه. وقوله: " كبداً هافية " من الجوع فإن الكبد تهفو أي تخف، يقال: فلان قلبه هافٍ وأمره غافٍ وسره وافٍ، هكذا سمعت الحراني بمكة، وكان فصيحاً. وأما الرقبة العانية فهي المماليك، لأنهم أسرة قبضة. وإنما قلت هذا لأن بعض ما يضيق عطنه عن الاتساع في الاستعارة قال: فإن أعتق عانياً لا يجوز، وهذا يعوزه تمييز تصحيح الكلام من سقيمه.