ولحسن الشعر وقبول الفهم إيّاه علةٌ أخرى وهي موافقته للحال التي يعدّ معناه لها، كالمدح في حال المفاخرة، وحضور من يكبت بإنشاده من الأعداء ويسر به من الأولياء، وكالهجاء في حال مباراة المهاجي والحطّ منه، حيث ينكي فيه استماعه له، وكالمراثي في حال جزع المصاب به، وكذكر مناقب المفقود عند تأبينه والتعزية عنه، وكالاعتذار والتنصّل من الذّنب عند سلّ سخيمة المجنيّ عليه المعتذر إليه، وكالتحريض على القتال عنه التقاء الأقران وطلب المغالبة، وكالغزل والنسيب عند شكوى العاشق واهتياج شوقه وخضوعه وحنينه إلى من يهواه. وإذا وافقت هذه المعاني هذا الخلال تضاعف حسن موقعها عند مستمعها لا سيما إذا أيّدت بما يجلب إلى القلوب من الصّدق عن ذات النفس، بكشف المعاني المختلجة فيها، والتصريح بما كان يكتم منها والاعتراف بالحق في جميعها.

والشعر هو ما إن عري من معنىً بديع لم يعر من حسن الديباجة، وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015