منها في حال اليأس وانقطاع الرجاء منا؛ على هذا التّمثيل جميع الخصال التي ذكرناها.

وقال أيضاً: وعيار الشّعر أن يورد على الفهم الثاقب: فما قبله واصطفاه فهو وافٍ، وما مجّه ونفاه فهو ناقص. والعّلة في قبول الفهم الثاقب للشّعر الحسن الذي يرد عليه ونفيه للقبيح منه، واهتزازه لما يقبله وتكرهه لما ينفيه أنّ كلّ حاسّة من حواسّ البدن إنما تقبل ما يختصّ بها ويتصل بها ممّا طبعت له إذا كان وروده عليها وروداً لطيفاً باعتدال لا جور فيه وموافقةٍ لا مضادة معها. فالعين تألف المرأى الحسن الأنيق، وتقذى بالمرأى القبيح الكريه؛ والأنف يقبل المشمّ الطّيب ويتأذى بالمنتن الخبيث؛ والفم يتلذّذ بالمذاق الحلو ويمجّ البشع المّر؛ والأذن تتشوّف للصّوت الخفيض السّاكن وتتأذى بالجهير الهائل؛ واليد تنعم باللّمس اللّين وتتأذى بالخشن المؤذي؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015