وإن امرءاً أهواه بيني وبينه ... فياف تنوفاتٌ ويهماء خيفق

لمحقوقةٌ أن تستجيبي لصوته ... وأن تعلمي أنّ المعان موفّق

فقوله: وأن تعلمي أن المعان موفّق غير مشاكل لما قبله؛ وكقوله: البسيط

أغّر أبلج يستسقى الغمام به ... لو قارع الناس عن أحسابهم قرعا

فالمصراع الثاني غير مشاكل للأول، وإن كان كلّ واحدٍ منهما قائماً بنفسه.

وأحسن الشّعر ما ينتظم القول فيه انتظاماً يتّسق به أوّله مع آخره على ما ينسقه قائله، فإن قدّم بيتٌ على بيتٍ دخله الخلل، كما يدخل الرسائل والخطب إذا نقص تأليفها فإن الشعر إذا أسس فصول الرسائل القائمة بأنفسها، وكلمات الحكمة المستقلّة بذاتها، والأمثال السائرة الموسومة باختصارها، لم يحسن نظمه، بل يجب أن تكون القصيدة كلّها ككلمة واحدةٍ في اشتباه أوّلها وآخرها نسجاً وحسناً وفصاحةً وجزالة ألفاظٍ ودقّة معانٍ وصواب تأليف، ويكون خروج الشاعر من كل معنىً يصفه إلى غيره من المعاني خروجاً لطيفاً على ما شرطنا؛ هذا كله كلام صاحب كتاب العيار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015