إن كان ما نسبه إليه بشر بن الحسين في معنى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام من حقيقةٍ فهو كلام خرف زائل العقل قد ردّ " إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علمٍ شيئاً "؛ وإن كان ما نسبه إليه تزيّداً منه فهو جاهلٌ معيوبٌ عند القياس، وهو أنشأ مذهب داود إنشاءً، وعادى عليه، ووالى فيه، وبذل عليه، فكثر ارتباكه وخمدت آثاره.
أما يعلم أبو عبد الله أنّ إسلام عليٍّ كان - على ما روي - وهو ابن إحدى عشرة سنة، وقيل عشر سنين، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يدعو إلى الإسلام ولا يخاطب به إلا مكلّفاً، لا سيّما في أوّل دعوته وأوان مبعثه؟ وتخصيص النبيّ صلّى الله عليه وآله إيّاه بدعوته دون غيره ممّن هو في سنّه يدلّ على أنّه كان كامل العقل عارفاً بما يحسن ويقبح في أمر الدّين، وقد يكون ذلك عن وحيٍ من الله عزّ وجلّ في أمره. ثمّ ما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيه يدلّ على أنه أفضل من أخيه، وهو قوله عليه وآله السلام: " يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي "، فقد أثبت له جميع منازل هارون من موسى إلى النبوّة، وليس بعد موسى أفضل من هارون.