لشكّك، وأنفى لوحشتك، وأبعد لنفورك، وأجلب لطمأنينتك، وأقرب إلى ما تضمّن الأمر، ووقف عنده النهي.
واعلم أنه لو كشف الغطاء عنك أعظمت الله - جلّت عظمته - عن سير عقلك فيه، وتسليط وهمك عليه، وظنّك أن لو فعل كذا لكان أجمل، ولو لم يفعل كذا لكان أفضل؛ إنك في واد، تحلم في رقاد، وتقدح بغير زناد.
هيهات لا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه، ولا سائل عن فعله، ولا باحث عن سرّه، ولا معارض لأمره، جلّ عما يجوز على خلقه، مما هو أولى بحقيقته؛ له الخلق والأمر، " ذلكم الله ربّكم فاعبدوه " " مخلصين له الدّين "، فاعرفوه بعلم اليقين، وكونوا من وعده على نظر، ومن وعيده على خطر، والسّلام.
سأل رجلٌ من أصحاب أبي حنيفة الشافعيّ عن مسألةٍ، فقال له: أخطأت، فقال الشافعيّ: لو كنت في موضعك ثم كلّمتك مثلما كلمتني لاحتجب إلى أدبٍ، فاستحسن الناس كلام الشافعي.
وكان الشافعي بحراً ثجاجاً وسراجاً وهّاجاً، وكان من سراة الناس مع الشرف والسّخاء والبيان والعفّة والفقه العجيب ونصرة الحديث، مع الورع والدّيانة والسّتر، والأمانة والعفّة والنزاهة وظلف النفس والنزاهة، حتى إنه ما رؤي ممن تعاطى الفقه وبنى عليه مثله بياناً وعلماً وفهماً، وسمّي ببغداد ناصر الحديث لحسن مخارج تأويلاته.