الحاجب ليدخلني على الملك فلم يفعل، ثم أتيت صاحب الشرطة فلم يفعل، فقال لها: خذي هذا الكتاب وامضي به إلى احب الشطرة فأعطيه إياه فإنه سينصفك، قالت: ما أرجو الإنصاف، قال: ليس يضرك هذا الكتاب إن لم ينفعك، وكتب لها كتاباً وأعطاها إياه، فمضت به إلى صاحب الشرطة فناولته الكتبا، فقبله ثم دعا بالجلادين فقال: إن هذا كتاب الملك أمرني أن أقوم لتجلدوني بالسياط حتى يستنقع عقبي في دمي، ثم قام فضربوه حتى استنقع عقباه في الدم، ثم قال: إن الملك أمرني في هذا الكتاب أن أسود وجهي وأركب الجمل وأحول وجهي إلى ذنب الجمل، ويقاد الجمل وأنا عليه حتى أنتهي إلى باب الملك؛ قال: فلما انتهى إلى باب الملك قال له الملك: ما حملك على أن أتتك امرأة متظلمة فلم تنصفها؟ قال: خفت وزيرك، فأمر به فضرب عنقه ثم دعا بحاجبه فقال: إنما اتخذتك حاجباً لتحجب عني المظلوم! ثم أمر به فضرب عنقه، ثم دعا بالوزير فضرب عنقه، ثم رد الضيعة على المرأة وولدها وقال: إن الملك لا يدوم إلا بالعدل، فإذا كان بالظلم فذلك غلة وليس بملك.

قال المأمون: لله نعم لا تحصى في أثناء المكروه: لقد شري بدني مرة زائداً على ما كنت أعهده في كل حول، حتى نبا جنبي عن المهاد، وفقدت معه القرار وتمنيت الموت، فبينا أنا على ذلك ليلة، والحشم نوم والدنيا مقمرة، وأنا ساقط القوة لطول الحمية وخوف الزيادة في العلة، قد تنغصت بالحياة وبرمت بالعيش، حتى ثارت من أسفل قائمة السرير عقرب شائلة الذنب تطير، فقلت في نفسي: إنا لله، هذا الموت، ولم يكن في طوق فأتحرك أو أنادي، فاستسلمت، فما زالت تعدو على سننها حتى بلغت أوائل جسمي، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015