يقال: إن أزدشير ومن تقدمه من ملوك الفرس كانوا لا يثبتون في ديوانهم الطبيب إلا بعد أن يلسعوه أفعى ثم يقال له: إن شفيت نفسك فأنت الطبيب حقاً، وإن مت كانت التجربة عليك لا علينا؛ وكان ملوك الروم إذا اعتل طبيب أسقطوه من يدوانهم وقالوا له: أنت مثلنا؛ فهذا كله من الظلم المبرح والتحكم الفاحش.
وكان بعض ملوك العرب إذا جاءه طبيب قدم إليه مائدة وأمره أ، يركب فيها إذاء لتقويه أبدان المجاهدين، وعلاجاً للمرضى، وتدبيراً للناقهين، وتفكهاً للمترفين، وسبباً ممرضاً وسماً قاتلاً للأعداء، فإذا فعل ذلك كله أثابه وإلا صرفه.
وهذا الملك كان إذا أراد قتل إنسان خبز رغيفاً، فإذا أكله آكل اعتل بعد ثلاثين يوماً، ومات في اليوم العشرين والمائة، سواء، وهذا لا يقدر عليه إلا الماهر بالطب.
حدثني بهذا كله فيروز الطبيب، وكان ظريفاً وكان طويل اللسان كثير الكلام. وسمعت ابن المرزبان الفقيه في علته يقول: ما طالت علي العلة إلا من هذيات فيروز؛ وكان مع ذلك مولعاً بالكيمياء، وزعم انه وقف منه على سر الأسرار، وعلى غنيمة الغنائم، وعلى حقيقة الأمر، وكان يعرف بالتزيد، وقل من طال لسانه وبذؤ لفظه إلا كان مرمياً بالكذب، معروفاً بالخنا، ملوماً على الفحش.