قال أسد بن عمرو: دخل قتادة الكوفة فنزل دار أبي بردة، فخرج عليهم وقال: لا يسألني أحد عن مسألة من الحلال والحرام إلا أجبته، فقام أبو حنيفة فقال: يا أبا الخطاب، ما تقول في رجل غاب عن أهله أعواماً فظنت امرأته أنه قد مات فتزوجت، ثم رجع زوجها الأول وقد ولدت ولداً، فنفاه الأول وادعاه الثاني، فكل واحد منهما قذفها أو قذفها الذي أنكرها، ما جوابها؟ ونظر أبو حنيفة إلى أصحاب قتادة وقال: إن قال فيها برأيه ليخطئن، وإن روى فيها حديثاً ليكذبن، فقال قتادة: ويحك، أوقعت هذه المسألة؟ قال: لا، قال: ولم تسأل عنها؟ قال أبو حنيفة: إنا نستعد للبلاء قبل نزوله، فإذا وقع عرفنا الدخول فيه والخروج منه، فقال قتادة: والله لا حدثتكم بشيء من الحلال والحرام، فسلوني عن التفسير؛ فقام أبو حنيفة فقال: يا أبا الخطاب، ما تقول في قول الله تعالى: " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " النمل: 40 قال: نعم هذا آصف بن برخيا كاتب سليمان، وكان يعلم اسم الله الأعظم، قال: وهل كان يعرف الاسم سليمان؟ قال: لا، قال: أفيجوز أن يكون في زمان نبي من هو أعلم من النبي؟ قال قتادة: والله لا حدثتكم بشيء من التفسير، سلوني عما اختلف فيه العلماء؛ فقام أبو حنيفة فقال: يا أبا الخطاب، أمؤمن أنت؟ قال: أرجو، قال: ولم؟ قال: لقول الله تعالى: " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين " الشعراء: 82 قال أبو حنيفة: فهلا قلت كما قال إبراهيم حين قال الله تعالى: " أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي "