تعالى. قال الله عز وجل: " ضل من تدعون إلا إياه " الإسراء: 67، وقال: " ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون " النحل 53.
تكلم الداركي الفقيه يوماً في مجلس ابن معروف، وكان على قضاء القضاة - أعني ابن معروف - وكان ابن الدقاق يكلمه، فلحن الداركي، فقال له ابن الدقاق: لحنت، فقال الداركي: رايت أبا الفرج المالكي يناظر أبا إسحاق المروزي فقال له في النظر: إنك تلحن، فلو أصلحت من لسانك، فقال له أبو إسحاق: هذا أول انقطاعك، لأنك تعلم أني قد لحنت قبل هذا مراراً فلم تنكر علي، لما لزمك المعنى الآن صرت تعيب علي اللفظ، ثم قال الداركي: أنا ألحن وألحن، ولكن كلموني على المعاني إن كان لكم إليها سبيلاً.
كذا قال، وقد مضغ الداركي ذات بطنه بهذا الكلام، لأن المعاني ليست في وجهة والألفاظ في جهة، بل هي متمازجة متناسبة، والصحة عليها وقف، فمن ظن أن المعاني تخلص له مع سوء اللفظ وقبح التأليف والإخلال بالإعراب فقد دل على نقصه وعجزه.
سمعت أبا حامد يقول: قدمت امرأة بعلها إلى أبي عمر القاضي فادعت عليه مالاً فاعترف به فقالت: أيها القاضي، خذ بحقي ولو بحبسه، فتلطف بها لئلا تحبسه فأبت إلا ذلك، فأمر به، فلما مشى خطوات صاح أبو عمر بالرجل وقال له: ألست ممن لا يصبر على النساء؟ ففطن الرجل فقال: بلى، أصلح الله القاضي، فقال: خذها معك إلى الحبس، فلما عرفت الحقيقة ندمت على لجاجها وقالت: ما هذا أيها القاضي؟ فقال لها: لك عليه حق وله عليك