قال الأصمعي: كان بالبصرة أعرابي من بني تميم يطفل على الناس، فعاتبته في ذلك فقال: والله ما بنيت المنازل إلا لتدخل، ولا وضع الطعام إلا ليؤكل، وما قدمت هدية فأتوقع رسولاً، وما أكره أن أكون كلا ثقيلاً على من أراه بخيلاً وأقتحم عليه مستأنساً، وأضحك إن رأيته عابساً، فآكل برغمه وأدعه لغمه، وما احترق في اللهوات طعام أطيب من طعام لا تنفق فيه درهماً، ولا تعني إليهخادماً، ثم أنشد: الخفيف
كل يوم أدور في عرصة الحي ... ي أشم القتار شم الذئاب
فإذا ما رأيت آثار عرس ... أو ختان أو مجمع الأصحاب
لم أروع دون التقحم لا أر ... هب دفعاً أو لكزة البواب
مستهيناً بما هجمت عليه ... غير مستأذن ولا هياب
فتراني ألف بالرغم منه ... كل ما قدموه لف العقاب
ذاك أدنى من التكلف والغر ... م وغيظ الخباز والقصاب
قال الأصمعي: رأيت أعرابية بالنباج فقلت لها: أتنشدينني؟ فقالت: إيها والله، إني لأنشد وأقول، فقلت: فأنشديني، فقالت: البسيط
لا بارك الله فيمن كان يخبرني ... أن المحب إذا ما شاء ينصرف