وبرهان مبين، وقول متين، ونادرة ملهية، وموعظة مبكية، وللرفيع فيه مرتع، وللمتوسط إليه مفزع، وللدني به مقمع، وأفنيت في ذلك وأطنبت، وصعدت فيه وصوبت.

فلا تحرمني عفوك عند زلة أفتضح بها عندك، ولا تبخل علي بمدحك في صواب عليك، وأجهزه إليك، وكن من إخوان الصدق، وأعوان الحق، ولعمري لك علي مقال فيه، ومتعلق به، ومدخل منه، لأني قد شعثت أعراض قوم، وأعلنت أسرار ناس، وزدت في بعض ذلك مستثيباً، ونقصت مجانباً، وألممت معرضاً، وكاشفت مصرحاً، وطويت محسناً، ونشرت مقبحاً، ولكن ذاك مع توخي الحق مقبول، وفي خلال الصواب مستحسن، وفي جمهور الصدق نافع.

ومن هذا الذي تصدى لمثل هذا الكتاب، مع طوله وكثرة عدد أوراقه، وتصرف راويه، واختلاف أساليبه ومعانيه، مع ضيق الصدر، وغروب الصبر، وخفة ذات اليد، وسوء الظن باليوم أو غد، فلم يهرف، ولمخرف، ولم يظلم ولم يجزف؟ هذا ضمان لا يصح الوفاء به، ووعد لا يبعد من الخلف فيه، وحكم لا يبرأ الشطط منه، وإذا مزج حقه بباطله، وقرن خيره وشره، وأضيف سقيمه إلى صحيحه، كان قوام الجميع للحق، وكنت إذ ذاك في طبقة من يسامح بما كره له لبلوغه الغاية فيما أصاب فيه. على أنا نلجأ إلى الله في كل عسر ويسر، وعليه نتوكل في كل صغير وكبير، وإياه نستعين في جميع الأمور، فبيده الخير وهو على كل شيء قدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015