إنصاف الحكماء، وقبح أخلاق الأدباء.

أنا رأيت شيخاً قد انتهى في السن، وبلغ الغاية في الحكمة، وأشرف على نهاية التجربة، قد قسم حاله بين إرجاف بالسلطان، أو وقيعة في الإخوان، أو شكوى من الزمان، هذا عين ما قد وجده واستفاده، وهو بزعمه وزعم ناصره - فرد أوحدي، ونقاب لوذعي؛ وهكذا مشايخ دينك، وأنصار شريعتك، وأعلام ملتك، والمتكلمون في بلادك، فماذا أتوقع لنفسي إذا كنت آخذاً عنهم، ومقتدياً بهم، ونازعاً إليهم؟

قلت يوماً لابن الخليل: كيف صرت في الشكوى أخطب من قس، وأبلغ من سحبان، وأنطق من شبيب، وأفصح من صفوان؟ قال: وكيف لا أكون كذلك وأنا في زمان إن ذكرت أهله بما يستسرونه ويتباهون به، ويشتملون عليه ويتهالكون فيه، هتم فمي، وسفك دمي، وشهد علي بالكفر، ولم يرض لي إلا بالصلب؛ قلت: فبح بما في نفسك، على اختصار لفظك، وإيجاز قولك، قال: اعلم أني قد أصبحت بين إمام لا يعدل، ووزير لا يفضل، وعالم لا يتأله، وناسك لا يتنزه، وغني لا يواسي، وفقير لا يصبر، وجليس لا يحلم، وواعظ لا يعف، وحاسد لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015