الثاني: تقارُب تاريخ تأليف الكتاب وانتهائه مع تاريخ وفاة "العماد".

وهذا ما توقف عنده المستشرق "كلود كاهن" عندما نشر القسم الأخير من الكتاب، وهو المتعلّق بالحروب الصليبية، من سنة 490 هـ، حتى نهايته سنة 593 هـ (?).

غير أنّ من يقرأ الكتاب برَوِيّةِ ويتأمّل في أسلوبه ومنهجيّته، والمعلومات التي يحتويها، وطريقة عرض المادّة التاريخية، ويقوم بتحقيق نصّه، سيصل إلى قناعةٍ مؤكّدة بأن "العماد الأصفهاني" الكاتب المعروف لا علاقة له بتأليف كتاب "البستان" من قريب أو بعيد، وأن أحدهم انتحل اسم "العماد" ووضعه على صفحة الغلاف ونَسَبَه إليه ليَنْفُق على الناس، نظرًا لشُهرته.

ولقد ناقش المرحوم الدكتور "شاكر مصطفى" هذا الأمر وذكر ما نصُّه:

.. وكان من الممكن، بسهولةٍ، أن يُضاف هذا المؤلّف إلى تراث "العماد" الواسع لولا خمسة أمور:

أولها: إنه ما من مصدرِ من المصادر التاريخية ذكر للعماد كتابًا بهذا العنوان.

الثاني: إنّ أسلوبه الكتابيّ مختلف لأسلوب العماد المسجّع دومًا.

حتى عنوان الكتاب لا يتّبع السجع، مع أنّ عناوين العماد مسجّعة حتمًا، ومُعظَم الكتب في عهده على النهج نفسه من السجع.

الثالث: إنّ فيه، رغم اختصاره الشديد، الأمور المتعلّقة بأخبار صلاح الدين والتي لا نجدها لدى العماد في كتبه المطوَّلة، وبعضها يخالف رواية العماد نفسه.

الرابع: إن العماد يُعرف دومًا بالكاتب، وبالرغم من أنه كان يحمل لقب القاضي الأجَلّ في الوقت نفسه، إلا أنه لم يكن أبدًا يلقب بالقاضي فقط، ولم يكن لقب القاضي الأجلّ يُلصَق باسمه إلا في المكاتبات الرسميَّة.

الخامس: إنّ رواية الأحداث في خاتمة الكتاب تكشف أنّ صاحبه عاش في حلب، ثم في مصر، ولا يبدو أنه يعرف دمشق، فلا يبقى إلا أن يكون المؤرّخ مجهولًا انتحل الاسم ليَتفُق على الناس (?).

انتهى ما ذكره الدكتور "شاكر مصطفى".

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015