مع ما يشاكله، ولا يقع ذلك موقعه؛ فمما أتى في نهاية النظم قول أمير المؤمنين -عليه السلام - في بعض خطبه: "أين من سعى واجتهد، وجمع وعدد، وزخرف ونجد، وبنى وشيد"؟ فاتبع كل حرف بما هو من جنسه، وما يحسن معه نظمه، ولم يقل: أين من سعى ونجد، وزخرف وشيد، وبنى وعدد؟ ولو قال ذلك لكان كلاماً مفهوماً مستقيما، وكان مع ذلك فاسد النظم، قبيح التأليف.

معنى الشعر:

والشاعر من شعر يشعر فهو شاعر، والمصدر [الشعر] ولا يستحق الشاعر هذا الاسم حتى يأتي بما لا يشعر به غيره، وإذا كان إنما يستحق اسم الشاعر لما ذكرنا فكل من كان خارجاً عن هذا الوصف فليس بشاعر، وإن أتى بكلام موزون مقفى؛ وقد كره قوم قول الشعر واستماعه، وإنما الشعر كلام موزون، فما جاز في الكلام جاز فيه، وما لم يجز في ذلك لم يجز فيه، وقد سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - الشعر واستنشده وأناب عليه، وأنشد في مسجده على منبره، وقال لحسان: "اهج قريشاً ومعك روح القدس" وقال: إن من الشعر لحكماً". ومما احتج به من كرهه ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعراً"، وما روي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015