والمبالغة تنقسم قسمين:
أحدهما في اللفظ، والآخر في المعنى، فأما المبالغة في اللفظ فتجرى مجرى التأكيد، كقولنا: رأيت زيداً نفسه، وهذا هو الحق بعينه، فتؤكد زيداً بالنفس والحق بالعين، وإن كان قولك: هذا زيد وهذا هو الحق قد أغناك عن ذكر النفس والعين، ولكن ذلك مبالغة في البيان.
ومنه قول الشاعر:
(ألا حبذا هند، وأرض بها هند ... وهند أتى من دونها النأي والبعد)
(فذكر البعد بعد النأي - وهما شيء واحد - تأكيداً ومبالغة).
وأما المبالغة في المعنى: فإخراج الشيء أبلغ غايات معانيه، كقوله -عز وجل-: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} ولربما قالوا بأنه قد أقتر فقتر علينا، فبالغ الله -عز وجل - في تقبيح قولهم وإخراجه على غاية الذم.
ومن المبالغة في المعنى قول الشاعر:
(وفيهن ملهى للطيف ومنظر ... أنيق لعين الناظر المتوسم)
فلم يرض من أن يكون فيهن ملهى، وإن كان ذلك مدحاً لهن حتى قال: اللطيف، لأن اللطيف لا يلهو إلا بفائق، وقال: ومنظر أنبق، وهذا في الوصف