{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} وقال: {وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ}.

وإنما فعلت العلماء ذلك لأن الخبر في نفسه إذا كان ممكناً فهو محتاج إلى ما يدل على صحته، والمثل مقرون بالحجة، ألا ترى أن الله -عز وجل - لو قال لعباده: إني لا أشرك أحداً من خلائقي في ملكي لكان ذلك قولاً محتاجاَ إلى أن يدل على العلة فيه، ووجه الحكمة في استعماله فلما قال: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} كانت الحجة من تعارفهم مقرونة بما أراد أن يخبرهم به من أنه لا شريك له في ملكه من خلقه، لأنهم عالمون بأنهم لا يقرون أحداً من عبيدهم على أن يكون فيما ملكوه مثلهم بل يأنفون من ذلك ويدفعونه، فالله -عز وجل - أولى بأن يتعالى عز ذلك. وكذلك جعلت القدماء أكثر آدابها، وما دونته من علومها بالأمثال والقصص عن الأمم، ونطقت ببعضه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015