قول الصادق [وجوب الكذب لا محالة، وليس بجوز الصادق] أن يخبر بخبر فيكون ضده ونقيضه صدقا، إلا أن يكون خبره الأول معلقا بشرط أو استثناء، كما وعد الله سبحانه قول موسى-عليه السلام-، دخول الأرض المقدسة إن أطاعوه في دخولها، فلما عصوه حرمها عليهم، فلم يدخلها أحد منهم، وكما أوعد قوم يونس - عليه السلام - العذاب إن لم يتوبوا، فلما تابوا كشف عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا، وإلى هذا المعنى تذهب الشيعة في البداء على قبح هذه اللفظة، وبشاعة موقعها في الأسماع.
فأما الخبر إذا لم يكن معلقاً بشرط ولا بشيء مما ذكرنا، فليس يجوز أن يقع غيره [موقعه] فيكون صدقاً، ولذلك قال الله -عز وجل-: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.
والمعارضة في الكلام: المقابلة بين الكلامين المتفاوتين في اللفظ، وأصله من معارضة السلعة بالسلعة في القيمة والمبايعة، وإنما تستعمل المعارضة في التقية وفي مخاطبة من خيف شره، فيرى بظاهر القول، ويتخلص في معناه من الكذب الصراح، وذلك مثل قول بعضهم، وقد سأله بعض أهل الدولة العباسية عن قوله في لبس السواد، فقال: هل النور إلا في السواد؟ ! أو أراد أن نور العين في سوادها، فأرضى السائل