أظهرت وإن شئت أدغمت، كقولك ضرب بكر عمراً، أو ضرب بكر (وكقوله: "الذي جعل لكم" و"جعل لكم").
فإن كان الحرفان من كلمة واحدة، وهما متحركان نظرت لما كان من ذلك في الاسم فأظهرته، نحو العدد والمدد، وكقوله: {لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا}، وإذا كان من فعل أدغمت نحو: مدَّ، وردَّ، ولا نقل مدد وردد، وذلك لخفة الأسماء وثقل الأفعال، فكذلك حكم اللام والراء لأنهما من مخرج واحد في الإدغام، وحكم الدال والسين في قوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ} لتقارب مخارج الحرفين. فحروف الحلق لا تأتلف ولا تقترن الهمزة والألف منها، لأنهما من حروف الزوائد، وإحداهما من حروف المد واللين، فهما يجتمعان مع سائر الحروف، ولا يجمعون بين القاف والكاف في أصل بناء كلمة، فإن كانت الكاف زائدة التشبيه جاز ذلك فقالوا: كقولك ليس هذا مقارنة، وإنما هي مجاورة، وأما الجيم والشين والضاد فلأن بعضها أطول مدى في المخرج من بعض، وأن مراتب بعضها دون مراتب بعض في مخرجها تقارنت في بعض أحوالها، فقارنت الجيم الضاد بتقديم الضاد في الضجيع ولم تقارنها بالتأخير، وقارنت الشين الجيم بالتقديم، والتأخير، فقيل جش وشج، ولم تقارن الضاد الشين بتقديم ولا تأخير لتقارب مخرجهما.
وأما حروف الصفير فإن بعضها لا يقارن بعضاً، وحروف النفث لا يقارن بعضها بعضاً. وأما حروف الانطباق فتقارن، لأن مخارجها وإن كانت متساوية فإنها متباينة، وأكثر العرب تدغم ما يتقارن منها، فيقال في متطهر مطهر، وفي عنيت عنت، قال الله - عز وجل - {إِنَّ اللَّهَ