وليكن الوزير في حروبه على غاية الأكماش، والإقبال على النظر في وجوه الحيل والتدبير اللذين يصرف بهما عن نفسه ورعيته المعرة، ويوقع بهما على عدوه المضرة، وترك التشاغل عن ذلك بلذة أو بنوم، فليس أخو الحرب بالنؤوم ولا السئوم، وإنما يضيع في هذا الباب إذا أضاع الحزم فيه لنفسه وخاصته، وسائر من تحت يده، فهذه جملة ما ينبغي للوزير أن يسوس بها جنده، ويجري عليها أمره في حربه.
معاملة الوزير للأعوان والعمال:
وأما معاملته الأعوان والعمال فأول ذلك أن يختارهم في أماناتهم وثقتهم وعملهم بما يسند إليهم، ودربهم فيه حتى يكونوا أفضل من ييسره الوقت إليه من نظرائهم، وألا يؤثر بالعمل من وجب حقه وتأكده حرمته إذا لم يكن منه كفاية من عمله، بل يسع هذا الصنع من الناس ماله، فيقضي به حقوقهم عنه، ولا يضيع أمر سلطانه بأن يسندها إلى من لا يضطلع، وليكن من يختاره من الكفاة ذوي النزاهة والطب دون ذوي الشره والنطف وليكن باختيارهم أعنى منهم بجمعهم، فإن زجاء الأعمال ليس بكثرة الأعوان، ولكن بصالحي الإخوان، وليس ما ينفع بالأعوان حتى يكونوا لمن هم معه وأدين، وعلى نصيحته مثابرين، ولا ينتفع بالمحبة والنصيحة