بني تغلب فإن عمر - رضي الله عنه - أعفاهم من الجزية، وضاعف عليهم الصدقة لأنه خشي مع أنفتهم من الصغر وإعطاء الجزية أن يصيروا إلى أرض العدو فيزيدوا في شوكته. وكان أمير المؤمنين - عليه السلام - يقول: إن في فيهم رأياً لو فرغت لهم.
فأما الوجوه التي تصرف فيها هذه الأموال، فإن الفيء لأهل هذه الآيات: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} إلى آخر الآية، ثم فسر أنها في كل زمان، ولكل قرن فقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} إلى آخر الآية فنص بهذه الآية، على المهاجرين فقال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ} إلى آخر الآية، فنص بهذه الآية على الأنصار، ثم قال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا} إلى آخر الآية فنص بها على كل من أتى بعدهم من المهاجرين، فليس أحد من المسلمين إلا وله في الفيء حق، ولم يزل مال الفيء في أيام الصحابة رضوان الله عليهم يحمل، فيقسم على المقاتلة والذرية والصغير والكبير، ويرضخ منه للعبيد وضربهم، ولا يجمع منه شيء إلا أن خولف ذلك