وذكر ما يوفرونه من جاري من لم يصح عرضه من البدلاء والدخلاء والأموات والغياب إلى ديوان الجيش، ورفع الحجج إلى الخزان بما يحملونه إليهم.

هذا جملة ما يحتاج إليه كاتب الجيش، وهو آخر ما يحتاج إلى ذكره في أمر كاتب العقد.

كاتب الحكم:

وأما كاتب الحكم: فهو كاتب الحكام، وليس شيء من أمور الدين وأعمال السلاطين هو أعظم خطراً ولا أجل قدراً، ولا أبقى على الأيام أثراً من الحكم، وكيف لا يكون كذلك وهو خلافة النبوة، وأمر الله في الفروج والدماء والأموال، الباقي على تصرف الأحوال والأزمان، ولذلك جعل الله تعالى الحكومة إلى العدل دون غيرهم، فقال - جل من قائل -: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وجعل الشهادة أيضاً في العدول، فقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} وأعلمنا - عز وجل - أنه إنما يوفق من الحكام من حسنت نيته، وكان الصلاح طويته فقال - عز وجل -: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}، وأمور الأحكام من ملة الإسلام الجارية على أربعة أوجه: أحدها وهو أعظمها حكم القضاء، ثم حكم المظالم، ثم حكم الديوان، وهو حكم الخراج، ثم حكم الشرطة، والذي يعم جميع هؤلاء أنهم لا يستحقون تقلد شيء من هذه الأحكام إلا بأن يكونوا عدولاً في أنفسهم، عالمين بما توجبه مراتب أعمالهم، غير متعدين لرسوم أحكامهم، يرحمون المظلوم، ويخشنون على الظالم، ويؤثرون الحق، ولا يميلون مع الهوى، ولا يشرهون إلى حطام الدنيا ثم على القاضي أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015