ذلك لا تخالف فيه هذه الأوضاع والسنن إلى أن وقع التخليط، ونضبت الذمامات وأثبت، الجند بالرشى واستعملوا للهوى لا للكفاية والغناء وصاروا يبايعون الأسماء على نقبائهم بيعاً ظاهراً مكشوفاً، ففسدت طبقات الأولياء، ودخل فيهم من لم يحمل السلاح، ولم يشهد الحروب ساعة قط. وكانت نتيجة هذا الإهمال، وثمرة هذه الأفعال، أن خرج السلطان في جيشه على أحسن زينة، لقتال غلام من غلمانه، فقتل وحده من بين أهل عسكره، وتفرق عنه الباقون، ورجعوا موفورين.
ومن ترك سياسة رعيته وأولائه بما يوجبه الرأي كان يمثل ما جرى عليه جديراً وبه حقيقاً.
وأما التحلية فأولها أن يذكر اسم الرجل في يمنة الورقة، وينسب إلى بلده أو ولائه، فيقال: فلان الرومي، أو فلان المقتدري، أو ما أشبه ذلك ثم يذكر جارية تحت اسمه، ويفصل فصل يسير، ثم يكتب عن يسرة الورقة بعد ذلك الفصل سنه، شاب أو كهل أو مراهق، هذا ما أخذ الناس فيه - والذي كان عليه في القديم كثير من الناس - الآن، فأن يذكر اسم الرجل وولائه وحليته في يمنة الورقة، وجاريه في يسرتها، ولا يذكر في الحلية في الجيش شيخ ولا صبي، فإن كانا ممن يحلى قيل للشيخ كهل مجتمع، وقيل للصبي غلام أمرد، وإنما أسقط ذكر الشيخ والصبي من ديوان الجيش لضعفهما، والطمع الذي يلحق أمثالهما، ثم يذكر قده، فإن كان طويلاً قيل ربعة إلى الطول، وإن كان قصيراً قيل ربعة إلى القصر، وإن كان ربعة قيل مربوع، وإنما لم يقل طويل وقصير على الإطلاق، لأن الطول والقصر من باب المضاف، والطويل إنما يكون طويلاً بالإضافة إلى من هو أقصر